سورة الأعراف - تفسير تفسير المنتخب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140)}
137- وأعطينا القوم الذين كانوا يستضعفون في مصر- وهم بنو إسرائيل- جميع الأرض التي حباها اللَّه بالخصب والخير الكثير، في مشارقها ومغاربها، ونفذت كلمة اللَّه الحسنى تامة، ووعد بالنصر شاملاً لبني إسرائيل بسبب صبرهم على الشدائد، ودمَّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه من الصروح والقصور المشيدة، وما كانوا يعرشونه من السقائف للنبات والشجر المتسلق كعرائش العنب، هذا شأن اللَّه، وصدق وعده الجميل لبني إسرائيل.
138- وتجاوز بنو أسرائيل البحر بعنايتنا وتأييدنا وتيسير الأمر لهم فلما تجاوزوه مروا على قوم ملازمين لعبادة أصنام لهم، فلما شاهدوا هذه الحالة غلب عليهم ما ألفوا قديما من عبادة المصريين للأصنام، فطلبوا من موسى أن يجعل لهم صنما يعبدونه، كما أن لهؤلاء القوم أصناما يعبدونها فسارع موسى عليه السلام موبخا لهم رادعا وقال: إنكم قوم سفهاء لا عقول لكم، لا تعرفون العبادة الحقة، ولا من هو الإله الذي يستحق أن يعبد.
139- إن هؤلاء الذين ترونهم يعبدون الأصنام، هالك ما هم فيه من الدين الباطل، وزائل عملهم لا بقاء له.
140- أأطلب لكم معبوداً غير اللَّه رب العالمين، وهو قد منحكم الفضل فأعطاكم نعما لم يعطها غيركم من أهل زمانكم؟!.


{وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141) وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142) وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144)}
141- واذكروا إذ أنجاكم اللَّه تعالى بعنايته من آل فرعون الذين كانوا يذيقونكم أشد العذاب، ويسخرونكم لخدمتهم في مشاق الأعمال، ولا يرون لكم حرمة كالبهائم، فيقتلون ما يولد لكم من الذكور، ويستبقون الإناث لكم لتزدادوا ضعفا بكثرتهن، وفيما نزل بكم من تعذيب فرعون لكم وإنجائكم منه، اختبار عظيم من ربكم ليس وراءه بلاء واختبار.
142- وواعدنا موسى بالمناجاة وإعطاء التوراة عند تمام ثلاثين ليلة يتعبد فيها، وأتممنا مدة الوعد بعشر ليال يستكمل فيها عبادته، فصارت المدة أربعين ليلة، وقال موسى لأخيه هارون حين توجه للمناجاة: كن خليفتى في قومى، وأصلح ما يحتاج إلى الإصلاح من أمورهم، واحذر أن تتبع طريق المفسدين.
143- ولما جاء لمناجاتنا، وكلَّمه ربه تكليما ليس كتكليمنا، قال رب أرنى ذاتك، وتجلَّ لى أنظر إليك فأزداد شرفا، قال: لن تطيق رؤيتى. ثم أراد سبحانه أن يقنعه بأنه لا يطيقها فقال: لكن انظر إلى الجبل الذي هو أقوى منك، فإن ثبت مكانه عند التجلى فسوف ترانى إذا تجليت لك. فلما ظهر ربه للجبل على الوجه اللائق به تعالى، جعله مفتتا مستويا بالأرض، وسقط موسى مغشياً عليه لهول ما رأى، فلما أفاق من صعقته قال: أنزهك يا رب تنزيها عظيما عن أن تُرى في الدنيا، إني تبت إليك من الإقدام على السؤال بغير إذن، وأنا أول المؤمنين في زمانى بجلالك وعظمتك.
144- لما منع اللَّه موسى من رؤيته، عدد عليه نعمه ليتسلى بها عن المنع فقال: يا موسى إني فضلتك واخترتك على أهل زمانك، بتبليغ أسفار التوراة وبتكليمى إياك من غير واسطة، فخذ ما فضلتك به، واشكرنى كما يفعل الشاكرون المقدرون للنعم.


{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145) سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147) وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (148)}
145- وبينا لموسى في ألواح التوراة كل شيء من المواعظ والأحكام المفضلة التي يحتاج الناس إليها في المعاش والمعاد، وقلنا له: خذ الألواح بجد وحزم، وأمر قومك أن يأخذوا بأفضل ما فيها، كالعفو بدل القصاص، والإبراء بدل الانتظار، واليسر بدل العسر. سأريكم يا قوم موسى في أسفاركم دار الخارجين على أوامر اللَّه، وما صارت إليه من الخراب لتعتبروا، فلا تخالفوا حتى لا يصيبكم ما أصابهم.
146- سأمنع من التفكير في دلائل قدرتى القائمة في الأنفس والأفاق، أولئك الذين يتطاولون في الأرض ويتكبرون عن قبول الصواب غير محقين، وإن يروا كل آية تدل على صدق رسلنا لا يصدقوها، وإن يشاهدوا طريق الهدى لا يسلكوه، وإن يشاهدوا طريق الضلال يسلكوه. يحدث ذلك منهم بسبب أنهم كذبوا بآياتنا المنزلة، وغفلوا عن الاهتداء بها.
147- والذين كذبوا بآياتنا المنزلة على رسلنا للهداية، وكذبوا بلقائنا يوم القيامة، فأنكروا البعث والجزاء، بطلت أعمالهم التي كانوا يرجون نفعها فلا يلقون إلا جزاء ما استمروا على عمله من الكفر والمعاصى.
148- وبعد أن ذهب موسى إلى الجبل لمناجاة ربه، اتخذ قومه من حليهم المخصصة للزينة جسما على صورة العجل الذي لا يعقل ولا يميز، له صوت يشبه صوت البقر، مما أودع فيه من الصناعة ومرور الريح بداخله.. وقد صنعه لهم السامرى وأمرهم بعبادته. يا لسفاهة عقولهم. ألم يروا حين أتخذوه إلها وعبدوه أنه لا يكلمهم ولا يقدر على هدايتهم إلى طريق الصواب؟! إنهم ظلموا أنفسهم بهذا العمل الشنيع.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13